يعد إيليا أبو ماضي من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين، ولـد في قرية المحيدثة بـ لبنان عام1889م، وتوفي في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1957م في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا المقال سنسرد لكم أفضل قصائد إيليا أبو ماضي.
مـن لـيس يسخو بما تسخو الحياة به فـــإنـــه أحـــمـــق بــالــحــرص يــنـتـحـر
قصيدة المساء
السحبُ تركضُ في الفضاء الرّحب ركض الخائفين والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين والبحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد سلمى.. بماذا تفكّرين؟ سلمى.. بماذا تحلمين؟
****
أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم؟ أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم؟ أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم؟ أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما أظلالها في ناظريك تنمّ، يا سلمى، عليك
****
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق يرجو صديقاً في الفلاة، وأين في القفر الصديق يهوى البروق وضوءها، ويخاف تخدعه البروق بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام لا يستطيع الانتصار ولا يطيق الانكسار
****
هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك فلقد رأيتك في الضّحى ورأيته في وجنتيك لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك وجلست في عينيك ألغاز، وفي النّفس اكتئاب مثل اكتئاب العاشقين سلمى.. بماذا تفكّرين؟
****
بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها؟ أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها؟ أم بالعصافير التي تعدو إلى وكناتها؟ أم بالمسا؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى والكوخ كالقصر المكين والشّوك مثل الياسمين
****
لا فرق عند اللّيل بين النهر والمستنقع يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع لكن لماذا تجزعين على النهار وللدّجى أحلامه ورغائبه وسماؤه وكواكبه؟
****
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها لم يسلب الزهر الأريج ولا المياه خريرها كلّا، ولا منع النّسائم في الفضاء مسيرها ما زال في الورق الحفيف وفي الصّبا أنفاسها والعندليب صداحه لا ظفره وجناحه
****
فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح وتمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان لا تبصرين به الغدير ولا يلذّ لك الخرير
****
لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا ولتملإ الأحلام نفسك في الكهولة والصّبى مثل الكواكب في السماء وكالأزاهر في الرّبى ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته أزهاره لا تذبل ونجومه لا تأفل
****
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة فدعي الكآبة والأسى واسترجعي مرح الفتاة قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا فيه البشاشة والبهاء ليكن كذلك في المساء
أقبل العيدُ ولكن ليس في الناسِ المسرّه لا أرى إلاّ وُجوهاً كالحاتٍ مُكفهِرّه كالرّكايا لم تدع فيها يدُ الماتحِ قطره أو كمثلِ الرّوضِ لم تترك به النكباءُ زهره وعيوناً دنقت فيها الأماني المُستحِرّه فهيَ حيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكره وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهمُّ صُفره وشفاهاً تحذرُ الضحك كأنّ الضحك جمره ليس للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرّه قد تساوى عندهُم لليأسِ نفعٌ ومضرّه لا تسل ماذا عراهُم كلُّهم يجهل أمره حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضيّع وكره فوقهُ البازيُّ والأشراكُ في نجدٍ وحُفره فهو إن حطّ إلى الغبراءِ شكّ السهمُ صدره وإذا ما طار لاقى قشعم الجوِّ وصقره كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شرّ بُكره فهمُ مثل عجوزٍ فقدت في البحرِ إبره أيّها الشاكي الليالي إنّما الغبطةُ فِكره ربّما استوطنتِ الكوخ وما في الكوخِ كِسره وخلت منها القصورُ العالياتُ المُشمخِرّه تلمسُ الغصن المُعرّى فإذا في الغصنِ نُضره وإذا رفّت على القفرِ استوى ماءً وخُضره وإذا مسّت حصاةً صقلتها فهيَ دُرّه لك ما دامت لك الأرضُ وما فوق المجرّه فإذا ضيّعتها فالكونُ لا يعدِلُ ذرّه أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغره أيُّها العابسُ لن تُعطى على التقطيبِ أُجره لا تكن مُرّاً ولا تجعل حياة الغيرِ مُرّه إنّ من يبكي لهُ حوْلٌ على الضحكِ وقُدره فتهلّل وترنّم فالفتى العابسُ صخره سكن الدهرُ وحانت غفلةٌ منهُ وغِرّه إنّهُ العيدُ وإنّ العيد مثل العُرسِ مرّه اقرأ أيضًا: جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت – إيليا أبو ماضي
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.