الفوبيا هي خوف زائد عن الحد ينتاب المريض دون أن يكون له مبرر منطقي. قد تشكو في حال إصابتك بالفوبيا من شعور عميق بالخوف أو الهلع عند مواجهتك لأمرٍ ما يثير عندك الخوف، ولكنه لا يُحدث عادة ردة الفعل هذه عند الآخرين.
قد يحدث الخوف عند مواجهتك لمكان أو موقف أو شيء ما. وعلى النقيض من اضطراب القلق المعمم، ترتبط الفوبيا بشيء خاص محدد يثير الخوف لديك.
تتراوح أعراض الفوبيا من مزعجة بسيطة إلى أخرى تترك عجزاً شديداً في أداء المهام اليومية. يعرف مرضى الفوبيا في غالب الأحيان أن مخاوفهم غير منطقية ولا مبرّر لها، غير أنهم يقفون عاجزين عن التحكم بها، ويمكن لمثل تلك المخاوف أن تترك تأثيرات سلبية على عمل المريض أو حياته المدرسية والجامعية وعلى علاقاته مع المحيطين به.
تشير الدراسات إلى أن نحو 5-10% من الناس مصابون بواحد من أنواع الفوبيا التي تؤثر بشكلٍ سلبي على أحد نواحي حياتهم.
ينبغي عليك مراجعة الطبيب في حال شعرت أن عندك خوفاً يحول دون التمتع بحياتك على النحو المعتاد.
كلمة الفوبيا (phobia) ذات أصل يوناني، نترجمها إلى العربية حرفياَ بكلمة "الرُّهاب" أو "عُصاب المخاوِف" لكن تكتفي مراجع عربية كثيرة بتعريب المصطلح بكلمة فوبيا.
تتميز الفوبيا بظهور خوف مفاجئ تجاه مكان أو موقف أو شيء ما، يستمر لأكثر من ستة أشهر.
توجد ثلاث مجموعات رئيسية من الفوبيا تشمل:
هي أكثر أنواع الفوبيا شيوعاً وتتمحور حول شيء ما يثير الخوف.
يسبب هذا النوع من الفوبيا خوفاً شديداً من شيء أو موقف ما، يكون في الحقيقة آمناً نسبياً.
يعرف المصابون بالفوبيا المحددة أن مخاوفهم ليست عقلانية، إلا أن مواجهتهم لهذا الموقف أو الشيء يمكن أن يثير نوبةهلعأو قلق شديد لا يستطيعون السيطرة عليه.
يمكن أن تتضمن الفوبيا المحددة خوفاً متواصلاً من الكلاب أو الحشرات أو الأفاعي، أو قيادة السيارات، أو المرتفعات، أو من الأنفاق أو الجسور، أو من العواصف أو الطيران علاوة على أمور أخرى كثيرة.
لا نعرف بالضبط سبب هذه الفوبيا، لكن يبدو أنها تُورَّث من الآباء وهي أكثر انتشاراً نسبياً عند النساء.
تبدأ الفوبيا المحددة في سن المراهقة أو البلوغ عادةً، وتظهر فجأةً وتستمر لفترة أطول من الفوبيا عند الأطفال. فعندما يصاب الأطفال بالفوبيا المحددة &ndash مثل فوبيا الأنفاق على سبيل المثال &ndash تزول تلك المخاوف عادة بمرور الوقت، مع أنها تستمر أحياناً حتى البلوغ، لكن من غير المعروف لماذا تستمر عند بعض الأشخاص وتختفي عند آخرين.
ومن الأمثلة على الفوبيا المحددة:
تسبب قلقاً شديداً أثناء التواجد في مواقف اجتماعية أو عامة. هي خوف مبالغ فيه من التعرض للإحراج أو الارتباك عند مواجهة أشخاص آخرين.
يمكن أن ترتبط هذه المشكلة بمشاعر الدونية وبانخفاض الثقة بالنفس، وقد تدفع المصاب إلى ترك المدرسة، وتجنب تكوين علاقات صداقة، والبقاء دون عمل.
قد تحدث الفوبيا الاجتماعية في المواقف التالية:
يمكن أن تكون الفوبيا الاجتماعية محددة أيضاً، بحيث يخاف المريض من موقف محدد أو من بضعة مواقف تتعلق بمخاوف محددة، مثل:
هي خوف المصاب من التواجد في الميادين والأماكن العامة والمزدحمة.
تسبب فوبيا الخلاء معاناة الشخص من الخوف من التواجد في الميادين والذعر من الزحام والساحات والأماكن العامة كالصالات الرياضية والمجمعات التجارية.
يمكن أن تسبب عوامل وراثية وبيئية الإصابة بالفوبيا، ويكون الأطفال الذين عندهم أقارب مصابين باضطراب القلق تحت خطورة أكبر للإصابة بالفوبيا.
قد تسبب الأحداث المثيرة للهلع مثل المشارفة على الغرق الإصابة بفوبيا. كما يمكن أن يشكل التعرض لأماكن ضيقة أو مرتفعات شاهقة أو حيوانات مرعبة أو لدغات حشرات أساساً للإصابة بالفوبيا.
كثيراً ما يصاب الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات صحية مديدة أو لديهم مخاوف صحية بالفوبيا. وهناك احتمال كبير بأن يصاب الشخص بالفوبيا بعد تعرضه لإصابة دماغية رضية. كما يسبب تعاطي المواد المسببة للإدمانوالاكتئابظهور الفوبيا عند الشخص.
يكون الأشخاص المستعدون وراثياً للإصابة بالقلق تحت خطورة مرتفعة للإصابة بالفوبيا.
يبدو أن كل من العمر والحالة الاجتماعية الاقتصادية والجنس ترتبط بالإصابة بأنواع معينة من الفوبيا، فالنساء مثلاً معرضات أكثر من الرجال للإصابة بفوبيا الحيوانات، ويكون الأطفال والأشخاص ذوي المستوى الاقتصادي الاجتماعي المتدني تحت خطر أكبر للإصابة بالفوبيا الاجتماعية، ويشكل الرجال الغالبية العظمى من مرضى فوبيا الأطباء أو فوبيا أطباء الأسنان.
تشيع الأعراض التالية عند غالبية مرضى الفوبيا:
يكون الشخص المصاب بالفوبيا الاجتماعية سلبياً في حياته بسبب خوفه من إبداء رأيه والمطالبة بحقوقه.
لا يوجد تحليل مخبري يمكننا من تشخيص الإصابة بالفوبيا، بل يرتكز تشخيص الحالة على إجراء جرد لما يعانيه المريض.
وضعت الجمعية الأمريكية للأمراض النفسية معايير من أجل تشخيص الفوبيا المحددة والاجتماعية وفوبيا الميادين من خلال "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية" كما يلي:
لا تسبب الفوبيا عادة مشاكل خطيرة، حيث يجد معظم المرضى أن تجنب مصدر المخاوف يكفي لأن تظل حالتهم تحت السيطرة.
لا يمكن في بعض الحالات تجنب الفوبيا، ويجب في مثل تلك الحالات طلب المشورة من الاختصاصي.
الخبر السار هو أن لجوء المريض إلى المعالجة المناسبة كفيل بشفاء معظم حالات الفوبيا، ويجب أن تكون المعالجة خاصة بكل مريض على حدة كي تجدي نفعاً، حيث لا يوجد علاج وحيد يفيد كل مرضى الفوبيا.
يمكن أن يوصي الطبيب أو الطبيب النفسي أو المعالج النفسي بالمعالجة السلوكية أو الأدوية أو الجمع بينهما.
تهدف المعالجة إلى تخفيف أعراض القلق والخوف، ومساعدة المرضى في السيطرة على ردود فعلهم تجاه مصدر الخوف.
ثبت أن الأدوية التالية فعالة في علاج حالات الفوبيا:
يمكن أن تسبب مثبطات استرداد السيروتونين في بداية استخدامها إلى غثيان واضطراب في النوم وصداع.
كما وجدت الدراسات أن مضادات الاكتئاب من مجموعة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (tricyclic antidepressant)، مثل كلوميبرامين clomipramine (اسمه التجاري أنافرانيل Anafranil) تفيد أيضاً في تخفيف أعراض الفوبيا، وتتضمن أثارها الجانبية البدائية أرق وتشوش الرؤية وإمساك وصعوبة في التبول وعدم انتظام ضربات القلب وجفاف الفم ورجفان.
إذا لم يجد مثبط استرداد السيروتونين نفعاً، قد يصف الطبيب مثبط أكسيداز أحادي الأمين (monoamine oxidase inhibitor) لعلاج الفوبيا الاجتماعية، ومن الأمثلة على تلك الأدوية موكلوبيميد moclobemide (اسمه التجاري Manerix). ينبغي على بعض المرضى الذين يأخذون مثبط أكسيداز أحادي الأمين تجنب بعض أنواع الأطعمة. كما قد تتضمن آثاره الجانبية البدئية الدوار والتلبك المعوي والتململ والصداع واضطرابات النوم.
ليست هناك طريقة للتنبؤ بالأمور التي ستسبب إصابة شخص ما بالفوبيا، ولكن يمكنك اتخاذ خطوات للحد من تأثير الأعراض إذا كنت قلقاً:
لكن يبقى أهم جانب هو أن تضع في اعتبارك في حال إصابتك بالفوبيا الحصول على مشورة طبيب نفسي، لاسيما إذا كان لديك أطفالاً، فبالرغم من أن الوراثة تلعب دوراً في الإصابة بالفوبيا، إلا أن المشاهدة المتكررة لردود فعل شخص آخر مصاب بالفوبيا تُحرِّض إصابة الأطفال بالفوبيا.
من خلال التعلم كيفية التعامل مع مخاوفك، فإنك سوف تُعلِّم أطفالك مهارات ممتازة وتشجعهم على اتخاذ مواقف شجاعة كما تفعل أنت.
تسبب جميع أنواع الفوبيا وهناً شديداً في العزيمة وتؤثر بشدة على جودة حياة المصاب، ومن المضاعفات الممكنة:
الاكتئاب حالة شائعة عند مرضى الفوبيا، وقد نجد صعوبة في التفريق بين الحالتين لأن كلتيهما تتسببان القلق والهياج والأرق وصعوبة التركيز.
إن تشارك الفوبيا والاكتئاب هو عامل خطر كبير لتعاطي المواد المسببة للإدمان والانتحار.
الاضطراب ثنائي القطب (Bipolar Disorder): تشيع الإصابة بنوبات الهلع عند الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، كما أن الفوبيا تجعل الاضطراب ثنائي القطب أسوأ.
تزيد اضطرابات الهلع خطورة مراودة المريض أفكاراً انتحارية، حيث تشير الدراسات إلى أن 38% من المصابين باضطراب الهلع تنتابهم أفكاراً انتحارية، وتزداد الخطورة أكثر عند إصابة مريض الفوبيا باكتئاب واضطراب هلع معاً.
يكون المصابون بفوبيا شديدة تحت خطورة أعلى لتعاطي الكحول والتبغ ومواد الإدمان الأخرى. علاوة على أن إدمان الكحول لفترة مديدة يتسبب في حد ذاته باضطرابات بيولوجية في الدماغ تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والفوبيا.
تترك حالات الفوبيا المختلفة تأثيرات سلبية متنوعة على العمل والتحصيل الدراسي والعلاقة مع الآخرين.
يمكن أن تترافق الفوبيا مع اضطرابات جسدية كثيرة. وأظهرت الأبحاث أن الأشخاص المصابين بفوبيا ومرض جسدي يكون عندهم جودة حياة أسوأ من الأشخاص المصابين بمرض جسدي فقط. وتميل الفوبيا للظهور غالباً قبل تطور الاضطرابات الجسدية.
تترافق الفوبيا مع عوامل خطر عديدة للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، بما في ذلك ارتفاع مستويات الكولسترول وتثخن الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم.
"