يهتم علم الاقتصاد الذي يعتبر من أهم العلوم الاجتماعية بدراسة علاقة الإنسان بالثروة، والطريقة التي يتم بها استغلال الثروات في الحصول على السلع والخدمات التي يزداد احتياجه إليها يومًا بعد يوم، بحيث يراعي صاحب الثروة أولويات الصرف المرتبطة بأهمية السلعة بالنسبية، وقد وُضعت العديد من النظريات الاقتصادية التي تحاول فهم عناصر الاقتصاد في المجتمعات الإنسانية وتأثيرها على الأنماط الاستهلاكية للأفراد في تلك المجتمعات، ويمكن دراسة ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي، ومع تطور الحياة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ظهرت العديد من المصطلحات الاقتصادية، مثل التنمية الاقتصادية، والاقتصاد السياسي، بالإضافة إلى مصطلح الأزمات الاقتصادية، وفي هذا المقال سيتم تعريف مصطلح الأزمة الاقتصادية.
يمكن تعريف مصطلح الأزمة الاقتصادية على أنها حالة يحدث فيها اضطرابات حادة ومفاجئة في أي مُكوِّن من مكونات المنظومة الاقتصادية، ويُطلق على مصطلح الأزمة الاقتصادية في اللغة الإنجليزية Economic Crisis، ويؤدي حدوث الأزمات الاقتصادية إلى تولّد بعض الظواهر الاقتصادية مثل تراجع أسعار الأسهم لشركات محددة، وحدوث ما يعرف بالانكماش الاقتصادي، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الأفراد القادرين على العمل، وحدوث التضخم في أسعار السلع والخدمات، فضلًا عن التأثير المباشر للأزمات الاقتصادية على القطاع البنكي، حيث يساهم حدوث هذه الأزمات في إفلاس البنوك، ليؤدي ذلك إلى حدوث حالة من الركود العام في الاقتصاد، ويمكن خفيف وطأة الأزمة الاقتصادية والحد من حدوث حالة الركود الاقتصادي إذا تمت معالجة الأزمة الاقتصادية في الوقت المناسب وبالطرق الفعالة.
مرت العديد من دول العالم بأزمات اقتصادية تختلف في حدتها ومدة تأثيرها، وأثرت هذه الأزمات على الدول التي حدثت فيها تلك الأزمات الاقتصادية، وهناك بعض الأزمات التي أخذ بُعدًا اقليميًا أو عالميًا لتؤثر على عدد كبير من الدول، ومن أبرز الأزمات الاقتصادية التي حدثت في التاريخ الاقتصادي العالمي ما يأتي:
تسمى هذه الأزمة الاقتصادية في اللغة الإنجليزية Tulip Mania، وقد حدثت هذه الأزمة في هولندا في عام 1637م، وسميت هذه الأزمة الاقتصادية بهذا الاسم بسبب تزايد الطلب على مادة تدعى بصل زهرة التوليب، حيث أدى هذا الأمر إلى ارتفاع ثمنها بطريقة غير معقولة، إلى الحد الذي وصل فيه سعرها إلى مضاعفات الرواتب التي كان يتقاضاها الموظفون في هولندا آنذاك، وأدت هذه الأزمة إلى حدوث انهيار في ثروات العديد من المواطنين الهولنديين.
حدثت هذه الأزمة الاقتصادية في عام 1772م، وبدأت تداعيتها بالظهور في شهر أبريل في مدينة لندن الإنجليزية، حيث حدثت هذه الأزمة بسبب هروب أحد شركاء البنوك إلى فرنسا بسبب خسارته مبالغ كبيرة في أسهم إحدى الشركات، مما أثار حالة من الذعر في القطاع البنكي وأدى إلى إفلاس ما يزيد عن 20 بنكًا بسبب توقف الدائنين والمودعين عن التعامل مع هذه البنوك، ولم تتوقف هذه الأزمة عند هذا الحدِّ بس طال أثرها العديد من الدول الأوروبية الأخرى.
وقعت هذه الأزمة في شهر أكتوبر من عام 1929م بسبب الاقتراض والمضاربات التي أدت إلى حدوث انهيار في أسعار الأسهم في السوق بسبب وجود كمية كبيرة من العرض على السلع، وتعد هذه الأزمة السبب المباشر في ظهور أزمة الكساد الكبير التي امتد أثرها لعشر سنوات لاحقة.
حدثت هذه الأزمة في عام 1973م، بسبب الحظر الذي فرضته الدول الأعضاء في منظمة أوبك النفطية، ليصل سعر برميل النفط إلى 12 دولارًا، مما أدى إلى حدوث انهيار في أسعار الأسهم حتى عام 1974م.
بدأت ملامح هذه الأزمة الاقتصادية بالظهور في شهر يوليو من عام 1997م بالتزامن مع انهيار عملة البات التايلندي، حيث اضطرت الحكومة التايلندية إلى عدم ربط عملتها المحلية بعملة الدولار الأمريكي، وأدت هذه الأزمة إلى هبوط حاد في سعر العملة، وارتفاع الدين العام، كما تأثرت دولة اليابان بشكل كبير بهذه الأزمة الآسيوية.
تُعد الأزمة الاقتصادية العالمية أسوأ كارثة اقتصادية في العالم بعد أزمة تحطم الأسهم عام 1929م، وقد وقعت هذه الأزمة في عام 2008، وتطورت لتصل إلى العديد من دول العالم وتضرب العديد من البنوك، لتحدث بعد ذلك حالة من الركود العام في الاقتصاد العالمي.
هناك مجموعة من الأسباب العامة التي قد يؤدي وجودها إلى إحداث أزمات اقتصادية مختلفة التأثير، خاصة على مستوى قطاع المنظمات والقطاع البنكي، والتي تتوسع بعد ذلك لتصبح على مستوى القطاعات الاقتصادية والدول بأكملها، ومن أبرز هذه الأسباب ما يأتي:
في ظل وجود موجة متسارعة من الأحداث في حياة الإنسان، ووجود تقلبات اقتصادية في الاقتصادات المحلية والعالمية، تظهر الحاجة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير التي تخفف حدة الأزمات الاقتصادية حال حدوثها، ومن أبرز هذه التدابير الوقائية ما يأتي: