الانسداد الرئوي أو "Pulmonary Embolism" عبارة عن انسداد في أحد الشرايين الرئوية، حيث يكون الانسداد ناتجًا في معظم الحالات عن تكوّنجلطةتنتقل بعد تكوّنها من الرئتين إلى الساقين، وفي حالات معينة تتحرّك الجلطات أو الخثرات إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويحدث فيما يُعرَف بتجلّط الأوردة العميقة، وسيتم في هذا المقال الحديث عن أعراض الانسداد الرئوي وأسبابه بالإضافة إلى التعريج على عدّة نقاط تتعلّق به تشمل علاقته معالتدخينوطرق تشخيصه وعلاجه سواء دوائيًا أو جراحيًا بالإضافة إلى مناقشة مضاعفاته وكيفية الوقاية منه.
تختلف أعراض الانسداد الرئوي اختلافًا كبيرًا من مريض إلى آخر، وذلك اعتمادًا على حجم الخثرة أو الجلطة ومقدار النسيج الرئوي المُتضرِّر بسببها، بالإضافة إلى احتمالية وجود أمراض أخرى -تشملأمراض القلب والشرايينوأمراض الرئة- من عدم وجودها، وفيما يأتي نبذة عن أعراض هذا الاضطراب:
بعد أن تم ذكر نبذة عن الانسداد الرئوي مع التعريج على مجموعتيَ الأعراض المرتبطة به، لا بُد من مناقشة أسباب الانسداد الرئوي والتي سوف يتم تقسيمها إلى الإصابات المباشرة وحالات الخمول بالإضافة إلى مجموعة من الحالات الطبية المختلفة وذلك على النحو الآتي:
لا بُدّ قبل مناقشة موضوع التدخين والانسداد الرئوي، مناقشة بعض العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بالانسداد الرئوي، وذلك من مثيلات التاريخ الطبي للمريض، أي أنّ الشخص الذي تعرّض أحد أفراد أسرته لجلطات دموية أو حالات من الانسداد الرئوي في الماضي يكون أكثر عُرضة للإصابة بانسداد رئوي، وذلك بسبب تشارك البنية الوراثية بين أفراد الأسرة الواحدة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأفراد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية وتحديدًا حالات فشل القلب أوقصور القلبترتفع لديهم نِسب حدوث انسداد رئوي، بالإضافة إلى عوامل خطر أخرى تشمل السرطانات مثلسرطان البنكرياسوسرطان المبيضوسرطان الرئة، بالإضافة إلى العلاج الكيماوي والتداخلات الجراحية مثل عمليات استبدال المفاصل وحالات الكسل والخمول فترات طويلة -والتي تمّ التحدّث عنها آنفًا- في حالات لزوم السرير نتيجة مرض ما أو حالات السفر لساعات طويلة.
ومن عوامل الخطر الأخرى أيضًا التدخين، وقد تمّ ذكر نبذة عن عوامل الخطر السابقة -كتوطئة لمناقشة علاقة التدخين مع الانسداد الرئوي- لأنّ الأبحاث تُشير إلى العلاقة بين التدخين والانسداد الرئوي أو تكوّن الجلطات الرئوية والقلبية والدماغية غير مفهومة حتّى الآن، إلّا أنّه يُعتقَد أن التدخين يزيد من خطورة حدوث جلطات وحالات من الانسداد الرئوي إذا ما قُرِنَ بوجود عوامل خطر أخرى من مثيلات ما تمّت مناقشته آنفًا وما سيتم ذكره لاحقًا، وذلك مثل زيادة الوزنوالسمنةخاصّةً في النساء اللائي يعانين منارتفاع ضغط الدمبالإضافة إلى التدخين، أيضًا هناك الحمل، حيث يزيد وزن الجنين من الضغط الحاصل على أوردة الحوض مما يُبطِئ من عودة الدم من الساقين إلى القلب وهذا ما يزيد من خطورة حدوث جلطات.
بعد أن تمّ التعريج على نقاط عديدة تتعلّق باضطراب الانسداد الرئوي، سيتم علينا مناقشة مجموعة من طرق تشخيص هذا الاضطراب والفحوصات التي يعتمد عليها الأطباء للوصول للتشخيص السليم قبل البدء بعلاج الانسداد الرئوي، وذلك على النحو الآتي:
يهدف علاج الانسداد الرئوي إلى منع تكوّن الجلطات أو تشكّلها في الأوردة الدموية أو إزالة أيّة خثرة في حالة وجودها، بالإضافة إلى تعويض الجسم بكميات الأكسجين اللازمة في حالة حدوث نقص في مستويات الأكسجين كمضاعفات لتكوّن الخثرة وضعف الإمداد الدموي لأعضاء الجسم المختلفة، ويتمثّل العلاج على نحوٍ أساسي بإعطاء الأدوية المضادة للتخثّر من الهيبارين والوارفارين وغيرها لتسهيل عبور الدم في الأوردة والشرايين ومنع تكوّن الجلطات، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأدوية تشمل ألتيبلاز، ريتيبلاز، انيستربلاز، لكن يحظر استخدامها إلّا في حالات خاصة ومتقدمة كونها تمتلك مخاطر عالية تتمثّل في حدوث نزيف حاد، بالإضافة لذلك فإنّه إذا كان المريض يعاني من انخفاض ضغط الدم، فيمكن إعطاء الدوبامين لزيادة الضغط.
تشمل الرعاية الداعمة لاضطراب الانسداد الرئوي مجموعة من السلوكيات التي تُساعد إلى جانب العلاج الدوائي الذي تمّ الحديث عنه فيما سبق بالترافق مع العلاج الجراحي -في الحالات الخاصة- والذي سيتم التحدّث عنه لاحقًا، ومن سلوكيات أو أساليب الرعاية الداعمة لاضطراب الانسداد الرئوي ما يأتي:
بعد أن تمّت مناقشة علاج الانسداد الرئوي بالإضافة إلى أساليب الرعاية الداعمة لذلك، يجدر مناقشة التدخلات الجراحية المرتبطة في حالات معينة من الانسداد الرئوي، ويجدر التنويه إلى أنّ الانسداد الرئوي يُعد مصدرًا رئيسًا للوفيات في العالم، وقد يترافق في أكثر من 50% من الحالات مع انخفاض في ضغط الدم في الدورة الدموية الكبرى وارتفاع في ضغط الدم في الدورة الدموية الرئوية أو الصغرى، ويتكوّن العلاج -كما تمّت الإشارة لذلك آنفًا- من أدوية منع التخثّر والأدوية التي تُساعد على تحلّل الخثرة في حالة تكوّنها، لكن في حالات معينة يضطر الأطباء لإجراء تدخل جراحي لاستئصال الانسداد الوريدي، لكن يجدر التنويه إلى أنّ التدخلات الجراحية في حالات الانسداد الرئوي نادرة بعض الشيء.
وفي دراسة أُجريت على حالة مريض خمسيني كان يُعاني من ضيق في التنفس وسقط مغشيًا عليه، لُوحِظ أثناء الفحوصات أنّ لديه انصباب جانبي كبير وتمّت محاولة تفريغ ما يُقارب من 1.2 لتر من سوائل هذا الانصباب، وتمّ إعطاؤه الهيبارين تحت الجلد وأصبحت حالته مستقرة وتم تخريجه من المستشفى، إلّا أنّه انتكس بعد ذلك وأُعيد إرجاعه إلى وحدة الإنعاش الرئوي وأُجريت له العديد من الفحوصات، وبسبب حالته الحرجة -نتيجة انخفاض الضغط لمستويات كبيرة- تم إجراء تدخّل جراحي طارئ له وذلك من أجل إزالة جلطة ضخمة من الشريان الرئوي الأيسر، كما تمّت إزالة جلطات متعددة أصغر من الجلطة السابقة من مجموعة من الشرايين الرئوية، وتحسّنت حالة المريض بعد ذلك، وقد تمّ وصف-في بعض الدراسات الأكاديمية- مجموعة من التقنيات الجراحية المعتمدة كل الاعتماد على القسطرة لاستئصال الانسداد الرئوي، لكن مع ذلك تظل الممارسات الجراحية في هذه الحالات خطرة للغاية وتحتاج العديد من الفحوصات مثل التصوير المقطعي المحوسب وتصوير الأوعية الدموية وتخطيط صدى القلب قبل أخذ قرار بإجراء أي تدخّل جراحي.
تشمل مضاعفات الانسداد الرئوي اضطرابات قلبية عديدة من مثيلات ارتفاع ضغط دم الشرياني الرئوي؛ والذي يُؤثّر على نحوٍ أساسي في شرايين الرئة اليمنى و شرايين الرئة اليسرى بالإضافة لتأثيره السلبي على الجانب الأيمن من عضلة القلب، ومن المضاعفات أيضًا زيادة خطر حدوث عدم انتظام في ضربات القلب وحالات من نقص الأكسجين الشديد في الجسم وحالات من احتشاء الرئة أو ما يُعرَف بالانصمام الرئوي؛ والذي يحدث عادةً نتيجة تكوّن جلطة في شرايين الرئة، وقد تتفاقم المضاعفات لتصل إلى حالات من فشل القلب أو موت عضلة القلب في بعض الأحيان، والذي يُعرَّف على أنّه اختلال وظيفي في عضلة القلب ينشأ عنه عدم قدرة عضلة القلب على ضخ الدم إلى جميع أنسجة الجسم، كما يُمكن أن يحدث نقص شديد في الصفيحات الدموية نتيجة تناول جُرعات مستمرة من مميعات الدم كالهيبارين، ومن المضاعفات أيضًا زيادة خطر حدوث التهاب الوريد الخثاري.
أمّا فيما يتعلّق بالوقاية من الانسداد الرئوي، فإنّه سيتم التعريج على بعض الوسائل التي تُساعد في الوقاية من هذا الاضطراب من خلال تقليل خطر تجلّط الدم وذلك على النحو الآتي: