التعرق الزائد أو فرط التعرق (بالإنجليزية: Hyperhidrosis) هو حالة صحية تتمثل بتعرق الإنسان بكمية تفوق الوضع الطبيعيّ وبشكل غير متوقع، وإنّ الأشخاص المصابين بهذه الحالة قد يتعرقون حتى أثناء الراحة وحتى في الأجواء غير الدافئة أو الحارة،وفي هذا السياق يجدر التنويه أنّ التعرق بالمعدلات الطبيعية أمرٌ صحيٌّ للعادة، فهو وسيلة الجسم للتخلص من بعض الفضلات بالإضافة إلى تبريد الجسم عند التعرض للحرارة المرتفعة، وحتى أنّ التعرق المفرط يُعدّ طبيعيًا في حال التعرض لمُحفّز مثل درجات الحرارة المرتفعة، وممارسة التمارين الرياضية، والشعور بالخوف والهلع، كما أنّ معدل التعرق لدى البالغين والمراهقين أعلى مما هو عليه لدى الأطفال، فبنموّ الإنسان تكبر الغدد العرقية ويزداد إفرازها، ولكنّ التعرق المفرط الذي يزيد عن الحدّ الطبيعيّ والذي قد يظهر دون مُحفّز هو ما يُعدّ مشكلة حقيقية،ومن الأخبار الجيدة أنّ هذه المشكلة يمكن علاجها والسيطرة عليها في الغالب.
من الممكن أن تظهر مشكلة التعرق الزائد منذ ولادة الطفل، وقد تظهر عليه في سنوات لاحقة من عمره، وإنّ أغلب حالات التعرق الزائد تظهر في مرحلة المراهقة، وعلى أية حال فإنّ أسباب التعرق الزائد تُقسم بحسب نوع التعرق الذي يُعاني منه المصاب، فهناك نوعان للتعرق المفرط، الأول يُعرف بالتعرق المفرط الأوليّ (بالإنجليزية: Primary idiopathic hyperhidrosis)، وهو مجهول السبب، وعادةً ما يقتصر ظهوره على أجزاء محددة من الجسم، وأمّا النوع الثاني فيُعرف بالتعرق الثانوي (بالإنجليزية: Secondary hyperhidrosis)، وفي هذا النوع يحدث التعرق نتيجة الإصابة بمشكلة صحية معينة سنقف على كل منها أدناه.
يُعدّ فرط التعرق الأولي مجهول السبب النوع الأكثر شيوعًا،ولفهم آلية حدوث هذه المشكلة يجدر التوضيح أنّ الغدد العرقية تُفرز العرق تحت تأثير الأعصاب وتحفيزها، ففي الوضع الطبيعيّ تُحفّز الأعصاب إفراز العرق من الغدد العرقية عند ممارسة التمارين الرياضية، أو عند ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو عند الشعور بالتوتر أو القلق أو العصبية، أو عند التواجد في بيئة حارة، وعند انتهاء هذه الظروف تهدأالأعصابفيقل إفراز الغدد العرقية للعرق،وقد تبيّن أنّ الأعصاب المسؤولة عن تحفيز الغدد العرقية تكون أكثر نشاطًا من الوضع الطبيعيّ -دون وجود مُحفّز أو مُسبب- لدى الأشخاص الذين يُعانون من فرط التعرق،وعليه يجدر التنويه أنّ الأشخاص المصابون بفرط التعرق لا يملكون غددًا عرقية أكثر من غيرهم، ولكنّ الأعصاب المُحفّزة للغدد العرقية تكون أكثر نشاطًا مقارنة بالوضع الطبيعيّ كما بيّنّا،كما يمكن القول إنّ الأشخاص المصابين بفرط التعرق قد تكون الغدد العرقية لديهم أكثر نشاطًا أو أكثر حساسية من الوضع الطبيعيّ، وحقيقة يقتصر تأثير فرط التعرق الأوليّ على أجزاء محددة من الجسم، والتي غالبًا ما تتمثل براحة أو باطن الكفين، وباطن القدمين وتحت الإبطين، وقد يتأثر الوجه كذلك، وأمّا بالنسبة لباقي أجزاء الجسم فهي تتعرق بشكل طبيعي عادةً.وعلى الرغم من عدم القدرة على تحديد السبب الكامن وراء الإصابة بالتعرق الأوليّ، إلا أنّه يُعتقد أنّ للجينات والعوامل الوراثية دورًا في ظهوره، إذ ترتفع فرصة الإصابة بهذه المشكلة في حال كان أحد أفراد العائلة مصابًا به، وإنّ فرط التعرق الأوليّ يظهر في مرحلة الطفولة، ثمّ يزداد سوءًا في العادة في مرحلة البلوغ وخاصة لدى الإناث.
وبالرغم من احتمالية حدوث التعرق لدى المصابين بهذه المشكلة دون وجود مُحفّز، إلا أنّه توجد بعض المُحفّزات التي تزيد فرص حدوث نوبات التعرق الزائد، ومن هذه المُحفّزات:
يُعدّفرط التعرق الثانويّأقل شيوعًا من الأوليّ، وقد يظهر في أي مرحلة عمريةوعلى أية حال فإنّ للتعرق الثانويّ نوعين؛ هما فرط التعرق الموضعيّ (بالإنجليزية: Focal hyperhidrosis)، وهو الذي يقتصر حدوثه على أجزاء محددة من الجسم، مثل: الإبطين،واليدين، والقدمين، والوجه، والنوع الثاني يُعرف بفرط التعرق العامّ (بالإنجليزية: Generalised hyperhidrosis)، وهو التعرق الذي يؤثر في كافة أجزاء الجسم تقريبًا.
وهو النوع الأقل شيوعًا على الإطلاق، ويتمثل بفرط تعرق جزء معين من الجسم دون غيره، وقد يكون نتيجة مشكلة ما أو دون سبب، ومن الأمثلة على ذلك: فرط تعرق الساق نتيجة إصابةالحبل الشوكيأو تضرره، ويجدر بالطبيب المختص إجراء الفحوصات اللازمة لتأكيد السبب الكامن وراء الحالة
يُقصد بهذا النوع التعرق المفرط الذي يُصيب أغلب أجزاء الجسم كما أسلفنا، والجدير بالعلم أنّ هناك بعض حالات فرط التعرق العام غير المصحوبة بسبب معين، وهناك بعض الحالات التي تنجم عن التعرض لمشكلة صحية ما، وفيما يأتي بيان أهمّ هذه المشاكل بشيء من التفصيل:
يعتمد علاج مشكلة التعرق الزائد على السيطرة على المُسبب بالدرجة الأولى، وفي حال عدم القدرة على تحديد المُسبب يمكن اللجوء إلى الخيارات العلاجية التي تهدف إلى السيطرة على الأعراض، والجدير بالبيان أنّه من الممكن استخدام أكثر من نوع من العلاج في آن واحد، مع التنويه إلى احتمالية عودة الأعراض بعد إتمام العلاج، وفي هذا السياق يُشار إلى وجود مجموعة من النصائح التي يمكن باتباعها السيطرة على التعرق الزائد والرائحة التي قد تُصاحبه:
"